اوروبا تفتح باب المحادثات السرية مع حماس

تقول صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية في عددها الصادر اليوم الخميس ان الدول الاوروبية بدأت حوارا مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فيما تعمل الولايات المتحدة على تكثيف بحثها عن السلام في الشرق الاوسط تحت قيادة الرئيس باراك اوباما. وفي اول لقاء من نوعه توجه اثنان من اعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الى دمشق قبل اسبوعين للقاء رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل. وقالت الصحيفة انها علمت ان اثنين من اعضاء البرلمان البريطاني التقيا قبل ثلاثة اسابيع في بيروت مع ممثل "حماس" في بيروت أسامه حمدان. ونقلت عن دبلوماسي اوروبي مسؤول ان "هناك اعدادا من الذين يجرون محادثات مع "حماس" تتجاوز ما يعتقده اي شخص. انها بداية شيء جديد.. وان كنا لا نجري مفاوضات (مع "حماس")".

وكان حمدان قد اعلن امس انه منذ نهاية العام الماضي، قام نواب من السويد وهولندا وثلاث دول غربية اوروبية اخرى امتنع عن تحديدها اجرت مشاورت مع ممثلين لـ"حماس".

واضافت الصحيفة البريطانية: "قال حمدان مشيراً الى قرار الاتحاد الاوروبي للعام 2003 الذي يدعو الى اضافة الجناح السياسي للحركة الى قائمة المنظمات الارهابية: إنهم يعتقدون انهم اخطأوا في وضع "حماس" على القائمة السوداء. وهم الان يدركون ان عليهم اجراء محادثات معها.

وتخضع الاتصالات السياسية مع "حماس" الى حظر بموجب قوانين الرباعية الدولية لسلام الشرق الاوسط – التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة - وذلك على اساس ان هذا الفصيل الفلسطيني ما زال ملتزما بتدمير اسرائيل. وتصر الرباعية الدولية على ان الحظر لا يمكن ابطاله الا بعد ان توافق الحركة الاسلامية على الاعتراف باسرائيل وتنبذ العنف. غير ان السياسة التي وضعت في العام 2006 في اعقاب فوز "حماس" في الانتخابات الفلسطينية، احاطتها علامات تساؤل بعد العدوان الاسرائيلي الذي استمر لثلاثة اسابيع على غزة التي تسيطر عليها الحركة.

ويصر الدبلوماسيون على ان اتصالات النواب مع "حماس" جرت بناء على مبادرة منهم، وان كان من المعتقد انهم ابلغوا حكوماتهم بها. وقال ناطق بلسان الخارجية البريطانية ان النواب البريطانيين الذين توجهوا الى بيروت "لم يشاركوا في محادثات سرية او محظورة رسميا".

ويدعم الاتحاد الاوروبي جهود الوساطة المصرية لتأمين مصالحة بين "حماس" ومنافستها "فتح" كجزء من اتفاق وقف اطلاق النار بين "حماس" واسرائيل. وتحظى الجهود من اجل الوحدة الفلسطينية بالتشجيع باعتبارها شرطا مسبقا لحل الدولتين.

غير ان مشعل قال للنواب الفرنسيين ان الوحدة الفلسطينية "هي اكثر القضايا صعوبة"، وذلك وفق ما اورده مصدر مطلع على المحادثات. وقال هذا المصدر ان مشعل قال ان السلطة الفلسطينية (التي يرأسها محمود عباس، وهو من "فتح") لم تعد تمثل أي شيء". وان "حماس" "مقتنعة ان الشارع العربي يقف معها".

وتنمو الثقة ايضا في صدور السوريين الذين يدعمون "حماس" بعد فشل عدوان الاسابيع الثلاثة في توجيه لكمة قاضية لحلفائهم في غزة. وتشعر الحكومة السورية ان هناك فرصة خلال فترة حكم اوباما لانهاء العزلة التي فرضتها رئاسة بوش.

وقد عقد الرئيس السوري بشار الاسد عدة لقاءات مع وسائل الاعلام الغربية في الاسابيع الاخيرة اعرب خلالها عن الامل في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. ومن المتوقع ان يزور دمشق في نهاية الاسبوع جون كيري، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي والذي دعا الى عودة السفير الاميركي الى سوريا.

وقال السفير السوري في لندن سامي الخيمي: "اننا ننتظر سفيراً آخر. لن يستغرق هذا وقتاً طويلاً. ان اميركا، مثلها مثل اميركا، تفهم ان البوابة الى نفوذ سياسي في الشرق الاوسط لا يمكن عبورها الا عن طريق سوريا".

لكن محللي شؤون الشرق الاوسط يقللون من شأن التوقعات القائلة بان سياسة الاتحاد الاوروبي او الولايات المتحدة تجاه "حماس" على وشك ان تتغير. ذلك انه ما زال هناك مصدران كبيران للقلق: مقاربة ادارة كلينتون وقسمات الحكومة الاسرائيلية المقبلة التي يمكن ان يقودها المتشدد بنيامين نتنياهو.

وقال مارتن انديك الذي كان سفيراً للولايات المتحدة لدى اسرائيل ان اوباما سيرتكب "خطأً كبيراً" اذا قرر فتح محادثات مباشرة مع "حماس". واوضح ان خطوة كهذه "ستقوض الزعامة الفلسطينية التي تريد التوصل الى سلام مع اسرائيل".

وقال ان تقدماً حصل في المحادثات غير المباشرة بين اسرائيل وسوريا، وان من الممكن جداً ان يقرر نتنياهو السير على الدرب "الانضج نوعاً ما". لكن السوريين، كما يضيف، "ليسوا على وشك التوقيع على الخط المنقط" خضوعاً لضغوط لحملهم على فصم علاقاتهم مع حلفائهم الاستراتيجيين، "حماس" وحزب الله وايران.

وقال السفير الخيمي انه سيتعين على اسرائيل ان تختار بين المفاوضات او المجابهة في المستقبل. واضاف: "اذا استقروا على الخيار الاول فسيجدون الناس جاهزين للتفاوض تحت مظلة المبادرة العربية. واذا اخذوا الخيار الثاني، فاننا لن نعود مسؤولين عن اي عنف يمكن ان يحدث في الشرق الاوسط".